في الأسبوع الماضي، نشر باحثون من جامعة كاليفورنيا، بيركلي ورقة بحثية رائدة في مجلة Nature، تقدم مختبرًا "ذاتي التشغيل" أو "A-Lab" مصممًا للاستفادة من الذكاء الاصطناعي (AI) والروبوتات لاكتشاف وتصنيع مواد جديدة بشكل أسرع. يُشار إليه كـ "مختبر ذاتي القيادة"، يمثل A-Lab رؤية جريئة لدمج AI في البحث العلمي من خلال استخدام النمذجة الحسابية المتقدمة، وتعلم الآلة (ML)، والأتمتة، ومعالجة اللغة الطبيعية.
ومع ذلك، ظهرت تساؤلات بعد صدور الورقة القانونية بشأن نزاهة بعض الادعاءات التي تم تقديمها. أشار البروفيسور روبرت بالغريف، خبير الكيمياء غير العضوية وعلوم المواد في جامعة كوليدج لندن، إلى عدة مشاكل فنية على وسائل التواصل الاجتماعي حول التناقضات التي لاحظها في البيانات والعمليات التحليلية التي تم تقديمها كدليل على نجاحات A-Lab. وقد أشار بوضوح إلى عيوب أساسية في تحديد المرحلة بواسطة الذكاء الاصطناعي للمواد المصنعة من خلال تحليل حيود أشعة X (XRD)، حيث ادعى أن العديد من المواد الجديدة المذكورة قد تم اكتشافها بالفعل.
وعلى الرغم من دعم بالغريف لاستخدام AI في الجهود العلمية، إلا أنه يؤكد أن الاعتماد الكامل على التكنولوجيا دون إشراف بشري غير ممكن مع التقنيات الحالية، مشددًا على "ضرورة وجود مستوى من التحقق البشري".
ردًا على هذا الشك، اعترف جيربراند سيدر، قائد مجموعة سيدر في بيركلي، بالقلق الذي أُثير في منشور على لينكد إن. وأعرب عن امتنانه للتعليقات وأكد التزامه بمعالجة القضايا المحددة التي أثيرت من قبل بالغريف. بينما أكد أن A-Lab أسس مقاربة أساسية، اعترف بضرورة وجود علماء البشر للتحليل النقدي.
أظهر سيدر أدلة جديدة توضح نجاح الذكاء الاصطناعي في تطوير مركبات بالمواد المناسبة، لكنه اعترف بأن "الإنسان يمكنه إجراء تحسين عالي الجودة [لاختبار XRD] على هذه العينات"، مما يبرز محدوديات AI الحالية. وكرر أن هدف الورقة هو عرض ما يمكن أن يحققه مختبر ذاتي التشغيل، وليس الادعاء بالخلل.
استمرت المناقشة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث شارك بالغريف وأستاذة برينستون ليزلي شوب في حوار حول نتائج مجموعة سيدر. وقد أبرزت مناقشتهما نقطة مهمة: رغم أن AI يمتلك إمكانات كبيرة في علم المواد، فإنه لا يزال غير مستعد للعمل بشكل مستقل.
يخطط فريق بالغريف لإعادة تقييم نتائج XRD لتوضيح المركبات المصنعة بشكل أفضل، مما يؤكد مرة أخرى على أهمية التعاون.
هذه التجربة تقدم درسًا قيمًا حول قدرات وحدود AI في البحث العلمي، وخاصة للمديرين التنفيذيين والقيادات المؤسسية. توضح الحاجة إلى دمج كفاءة AI مع الإشراف الدقيق للعلماء ذوي الخبرة.
النقطة الأساسية واضحة: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز البحث بشكل كبير من خلال إدارة المهام المعقدة، لكنه لا يستطيع بعد تقليد حكم الخبراء بشكل دقيق. كما يبرز هذا المثال أهمية مراجعة الأقران وشفافية البحث، حيث إن انتقادات الخبراء مثل بالغريف وشوب تنير المجالات التي تحتاج إلى تحسين.
عند النظر إلى المستقبل، فإن العلاقة التآزرية بين الذكاء الاصطناعي والعقل البشري ضرورية. رغم عيوبه، فإن تجربة مجموعة سيدر تشعل حوارًا مهمًا حول دور AI في تقدم العلوم. وتظهر أنه بينما يمكن للتكنولوجيا أن تدفع الابتكار، فإن الفهم الناتج من التجربة البشرية هو الذي يوجهنا بشكل صحيح. لا تُظهر هذه المساعي فقط إمكانات AI في علم المواد، بل تعمل أيضًا كذكرى بأن التحسين المستمر ضروري لتأسيس AI كشريك موثوق في السعي للمعرفة. مستقبل الذكاء الاصطناعي في العلوم مشرق، لكنه سيكون أكثر فعالية عند توجيهه من قبل أولئك الذين يمتلكون فهمًا عميقًا لتعقيداته.