مارك زوكربيرغ يستثمر بقوة في الذكاء الاصطناعي كجزء من مهمة أوسع لمكافحة الأمراض. من خلال مبادرة تشان زوكربيرغ (CZI)، التي يتشارك في قيادتها مع زوجته، بريسيلا تشان، تهدف المنظمة إلى تأسيس واحد من أكبر أنظمة الحوسبة عالميًا المخصصة للبحث العلمي غير الربحي في العلوم الحياتية. من المتوقع أن يتضمن هذا العنقود القوي للحوسبة أكثر من 1,000 وحدة معالجة رسومية (GPUs) متخصصة في الذكاء الاصطناعي والنماذج اللغوية الكبيرة (LLMs). عبر استغلال هذه القوة الحاسوبية، سيتمكن العلماء من الوصول إلى نماذج تنبؤية تحلل الخلايا السليمة والمريضة، مما يمهد الطريق لتحقيق تقدم طبي رائد.
تشدد باتريشيا برينان، نائب رئيس قسم العلوم والتكنولوجيا في CZI، على أهمية هذه المبادرة، قائلة: “بناء هذا النظام للحوسبة بالذكاء الاصطناعي خطوة حاسمة نحو علاج أو الوقاية أو إدارة جميع الأمراض بحلول نهاية القرن. سيساعد في تعزيز فهم المجتمع العلمي للخلايا وتفاعلاتها داخل الأنظمة البيولوجية.”
تخطط المبادرة لاستغلال هذه القوة الحاسوبية الهائلة لإنشاء محاكي افتراضي للبيولوجيا، يمكّن الباحثين من فهم أفضل لكيفية مساهمة الخلايا في وظائف الأعضاء داخل الجسم البشري. من الأهداف الرئيسية هو بناء "خلية افتراضية" تسمح للعلماء برسم خرائط للحالات الخلوية المختلفة، سواء في الصحة أو المرض.
تواجه العديد من الجامعات وغيرها من مؤسسات البحث صعوبة في تحمل تكاليف البنية التحتية اللازمة لتحليل كميات كبيرة من بيانات علم الأحياء الطبية. كما تشير برينان، "ستكون العنقود المعتمد على الذكاء الاصطناعي واحدة من أقوى أنظمة الحوسبة عالية الأداء في العالم من أجل البحث غير الربحي في العلوم الحياتية. بينما يستثمر القطاع الخاص بشكل كبير في مشاريع الذكاء الاصطناعي في العلوم الطبية، فإن البنية التحتية القوية اللازمة لتطوير نماذج رقمية للخلايا ليست ممكنة اقتصادياً للعديد."
جودة البيانات أمر حيوي لنمذجة الذكاء الاصطناعي الناجحة؛ إذ تخطط المبادرة لإدخال مجموعات بيانات كبيرة في هذه النماذج، مستفيدةً من موارد مثل أداة CZ CELLxGENE التي تحتوي على أكثر من 50 مليون سجل خلوي. تشمل مصادر البيانات الإضافية أطلس موقع البروتينات وتفاعلاتها، OpenCell، وأطلس الخلايا Tabula Sapiens.
يسلط ديفيد م. ترونغ، أستاذ مساعد في الهندسة الطبية الحيوية في جامعة نيويورك، الضوء على أهمية مجموعات البيانات عالية الجودة، قائلاً: "جهود سابقة واجهت صعوبات في جودة إدخال البيانات. بينما تُعتبر مجموعات البيانات البيولوجية الحديثة موثوقة للغاية، يجد العديد من الباحثين في العلوم الطبية صعوبة في التعامل معها. يمكن أن تلخص أنظمة الذكاء الاصطناعي وتُنظم البيانات بفعالية للباحثين."
تعتبر مبادرة زوكربيرغ في مجال الذكاء الاصطناعي الخاصة بالطب جزءًا من اتجاه أوسع. أنظمة مبتكرة مثل AlphaFold — قاعدة بيانات هياكل البروتين الرائدة — وأطلس البروتين ESM تتقدم بالفعل في فهمنا لعلم الأحياء البشري. بالإضافة إلى ذلك، توفر منصات مثل Terra وصولاً قائمًا على السحابة للباحثين في مجال الطب الحيوي، مما يسهل تحليل البيانات والتعاون في مشاريع كبيرة. توفر Terra، التي تم تطويرها بالشراكة بين معهد Broad في MIT و Harvard، وشركة Alphabet، وMicrosoft، منصة متقدمة كنموذج خدمة (PaaS) تُبسط إدارة الموارد للمستخدمين.
تشمل مساهمات Nvidia الحل Parabricks، الذي يستخدم وحدات المعالجة الرسومية لتسريع تسلسل الجينوم، مما يقلل بشكل كبير من وقت المعالجة مع خفض التكاليف. علاوة على ذلك، يوفر إطار عمل BioNeMo من Nvidia نماذج لغوية كبيرة جاهزة للاستخدام مخصصة للبروتينات والكيمياء، مما يُسهل عمليات التدريب والتوسع.
الرؤية وراء مشروع زوكربيرغ في الذكاء الاصطناعي طموحة. عبر تشان، طبيبة الأطفال السابقة، عن هدف علاج أو منع أو إدارة جميع الأمراض بحلول نهاية القرن. أوضحت برينان هذه المهمة، قائلة إن المبادرة تسعى إلى مساعدة الباحثين في مراقبة التغيرات الخلوية طوال الحياة، سواء كانت وراثية أو مكتسبة.
تضيف برينان: "من خلال عملنا، نبحث عن فرص لتحقيق تأثير مميز، مدركين ضرورة البيانات والبنية التحتية والنماذج والواجهات والمعرفة البيولوجية العميقة لبناء نماذج شاملة عن الخلايا والأنظمة البشرية."
يعترف إدواردو أبيليوك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلاجن للتكنولوجيا الحيوية، بحجم هذه المبادرة، قائلاً: "تشير هذه المبادرة إلى جهد غير مسبوق، يهدف إلى تجاوز المشاريع البنائية السابقة من حيث الوصول القوي للحوسبة." ومع ذلك، يشير أيضًا إلى أن تحقيق هذه الأهداف العالية سيتطلب أكثر من مجرد تقدم تكنولوجي. "سيتوقف التقدم الكبير على التعاون العالمي، والجهود الاجتماعية، وتحقيق تقدم كبير في العلوم الأساسية."